کد مطلب:71015 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:792

التایید الغیبی لأهل الحق











إنّ صاحب البصیرة النافذة إذا أعطیت له حریة الاختیار بین الحق والباطل، ورفعت عنه جمیع العقبات والحواجز، فإنه ـ وبلا شك ـ سوف یختار طریق الحق؛ لأنّ اتباع الحق یؤدی به إلی السعادة فی الدنیا، والی الجنة والنعیم الدائم فی الآخرة.

وطبیعة الإنسان العاقل أن یختار طریق الأمان والسلام، الذی هو طریق الحق، علی طریق الهلكة والهوان، الذی هو طریق الباطل.

بالإضافة إلی ذلك فإنّ الله عزوجل یحفظ الإنسان الذی یتبع الحق والحقیقة من النسیان والضمور، ویجعله فی مأمن منها رغم تعاقب الأجیال، وتقلّبات الأیام، ویخلّد ذكره لیبقی قدوة للخیر والفضیلة، والأمثلة علی ذلك كثیرة. فهذا نبینا العظیم ووصیه الكریم إمامنا أمیرالمؤمنین وكذلك الأنبیاء والمرسلون وأوصیاؤهم الكرام من قبل ومن سار علی نهجهم، تراهم جمیعاً خالدین، فنبی الله نوح الذی مضی علی نبوته آلاف السنین ـ حتی سمی شیخ المرسلین ـ بل آلاف القرون لقوله تعالی: قُرُوناً بَیْنَ ذَلِكَ كَثِیراً[1] قد ذكره الله فی القرآن فی مواطن عدّة، منها قوله تعالی: إِنَّا أَوْحَیْنا إِلَیْكَ كَما أَوْحَیْنا إِلی نُوحٍ والنَّبِیِّینَ مِنْ بَعْدِهِ وأَوْحَیْنا إِلی إِبْراهِیمَ وإِسْماعِیلَ وإِسْحاقَ ویَعْقُوبَ والأَْسْباطِ وعِیسی وأَیُّوبَ ویُونُسَ وهارُونَ وسُلَیْمانَ وآتَیْنا داوُدَ زَبُوراً][2] .

وقال عزوجل: واتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَیْكُمْ مَقامِی وتَذْكِیرِی بِآیاتِ اللَّهِ فَعَلَی اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وشُرَكاءكُمْ ثُمَّ لا یَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَیْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَیَّ ولا تُنْظِرُونِ[3] .

وقال تعالی: قِیلَ یا نُوح اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وبَرَكاتٍ عَلَیْكَ وعَلی أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ یَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِیمٌ[4] .

وقال عزوجل: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِیِّینَ مِیثاقَهُمْ ومِنْكَ ومِنْ نُوحٍ وإِبْراهِیمَ ومُوسی وعِیسَی ابْنِ مَرْیَمَ وأَخَذْنا مِنْهُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً[5] .

وقال تبارك وتعالی: سَلامٌ عَلی نُوحٍ فِی الْعالَمِینَ[6] .

نعم، لقد حصل شیخ المرسلین نوح علی هذا الذكر الطیّب والخالد لأنه كان یعمل فی طریق الحق ومن أجل إعلاء كلمة الحق خالصاً مخلصاً.

فعلی الإنسان أن ینقطع إلی الله دائماً، وأن لا یأمل إلاّ الله أبداً، وأن یعتمد علی نصرته تعالی فی أداء واجبه وتكلیفه، وأن یطلب العون منه (عزوجل) لا من المخلوقین، فقد روی عن الحسین بن علوان قال: كنا فی مجلس نطلب فیه العلم وقد نفدت نفقتی فی بعض الأسفار، فقال لی بعض أصحابنا: من تؤمل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلاناً، فقال: إذاً والله، لا تسعف حاجتك، ولا یبلغك أملك، ولا تنجح طلبتك، قلت: وما علمك رحمك الله؟ قال: إن أبا عبد الله حدثنی أنه قرأ فی بعض الكتب: «أن الله تبارك وتعالی یقول:

وعزتی وجلالی ومجدی وارتفاعی علی عرشی، لأقطعنّ أمل كل مؤمل [من الناس] غیری بالیأس، ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس، ولأنحینّه من قربی، ولأبعدنه من فضلی. أیؤمل غیری فی الشدائد والشدائد بیدی! ویرجو غیری ویقرع بالفكر باب غیری وبیدی مفاتیح الأبواب وهی مغلقةٌ وبابی مفتوحٌ لمن دعانی، فمن ذا الذی أملنی لنوائبه فقطعته دونها، ومن ذا الذی رجانی لعظیمةٍ فقطعت رجاءه منی. جعلت آمال عبادی عندی محفوظةً فلم یرضوا بحفظی، وملأت سماواتی ممن لا یمل من تسبیحی، وأمرتهم أن

لا یغلقوا الأبواب بینی وبین عبادی، فلم یثقوا بقولی، ألم یعلم [أن] من طرقته نائبةٌ من نوائبی أنه لا یملك كشفها أحدٌ غیری إلا من بعد إذنی، فما لی أراه لاهیاً عنی! أعطیته بجودی ما لم یسألنی، ثم انتزعته عنه فلم یسألنی رده وسأل غیری، أفیرانی أبدأ بالعطاء قبل المسألة ثم أسأل فلا أجیب سائلی! أبخیلٌ أنا فیبخلنی عبدی؟ أولیس الجود والكرم لی؟ أولیس العفو والرحمة بیدی؟ أولیس أنا محل الآمال فمن یقطعها دونی؟ أفلا یخشی المؤملون أن یؤملوا غیری؟ فلو أن أهل سماواتی وأهل أرضی أملوا جمیعاً، ثم أعطیت كل واحدٍ منهم مثل ما أمل الجمیع ما انتقص من ملكی مثل عضو ذرة، وكیف ینقص ملكٌ أنا قیمه؟! فیا بؤساً للقانطین من رحمتی، ویا بؤساً لمن عصانی ولم یراقبنی»[7] .

نعم، إذا اعتمد الإنسان علی الله وتوكل علیه فإنه یوصله إلی أعلی الدرجات فی الدنیا والآخرة كما قال تعالی: وَمَنْ یَتَّقِ اللهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاًی وَیَرْزُقْهُ مِنْ حَیْثُ لاَ یَحْتَسِبُ وَمَنْ یَتَوَكَّلْ عَلَی اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَیْءٍ قَدْراً[8] .

وقال تعالی: الَّذِینَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِیمٌی الَّذِینَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِیمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِیلُی فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ یَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِیمٍ[9] .







    1. سورة الفرقان: 38.
    2. سورة النساء: 163.
    3. سورة یونس: 71.
    4. سورة هود: 48.
    5. سورة الاحزاب: 7.
    6. سورة الصافات: 79.
    7. الكافی: ج2 ص66 باب التفویض بالله والتوكل علیه ح7.
    8. سورة الطلاق: 2 و3.
    9. سورة آل عمران: 172ـ174.